الأرشيف

تاريخ اليهود فى مصر والمعادى :

 

قبل اربعينات القرن الماضى يستحق تاريخ اليهود فى مصر ان نقف عنده قليلاً فالوجود اليهودى فى مصر ليس وليد قرن مضى وإنما هو قديم جداً ومنذ بداية الديانة اليهودية ويرجع تاريخ اليهود فى مصر الى اسرة يعقوب بن إسحاق وهى اول اسرة يهودية هاجرت الى مصر هرباً من المجاعة لتلحق بالنبى يوسف والذى كان قد وصل الى منصب رفيع فى حكم مصر وعاش بنى اسرائيل فى ضيافة المصريين حتى خرج النبى موسى بهم وقبل ان يخرجوا منها كلم الله موسى فى ارض سيناء وانزل الله عليه التوراة والوصايا العشر ورغم خروج بنى اسرائيل من مصر فان الديانة اليهودية استمرت موجودة فى مصر حتى ان الذين امنوا بها قد أقاموا لأنفسهم معبداً وذلك منذ عصر الاسرة الفرعونية السادسة والعشرين بجزيرة فيلة بأسوان وعلى مدار التاريخ لعب يهود مصر دوراً لا يمكن ان يغفله او يتجاهله احد فمنذ عهد محمد على باشا والخديوى اسماعيل والتطور الأقتصادى لمصر ومنح امتيازات كبيرة لليهود برزت شخصيات وعائلات يهودية فى المجتمع المصرى ولعبت دوراً اقتصادياً لا يمكن ان يستهان به ومن بين هؤلاء:
اليهودى جوزيف ماركو باروخ وهو الذى اسس اول جمعية صهيونية بمصر بأسم جمعية باركوخيا الصهيونية

و اليهودى موصيرى الذى أسس الجالية اليهودية بالمعادى و اليهودى روتشرد و اليهودى يوسف اصلان قطاوى باشا و الذى شغل منصب وزير المالية ثم وزير للنقل والمواصلات وظل عضواً فى مجلس النواب حتى وفاته

روفائيل سوارس
روفائيل سوارس

قطاوى باشا
و اليهودى مورونيو شيكوريل و اليهودى شملا و اليهودى داود عدس و اليهودى رولو و اليهودى بنزايون و اليهودى روفائيل سوارس و اليهودى منشة و اليهودى مزراحى باشا و اليهود سرسق و اليهودى اليا ليفى كوهين و اليهودى اسمالون و اليهودى موريس جاتينو و اليهودى هرارى و اليهودى أجيون و اليهودى فينا حكيم و اليهودى بيجا و اليهودى اليونانى سناديبو و اليهودى يعقوب صنوع الشهير بأبو نضارة و رائد المسرح المصرى و الذي كان يصدر صحيفة مهتمة و متحمسة للشأن الوطنى اسمها أبو نضارة والتى كانت سببا فى إصدار الخديوى إسماعيل أمرا بنفيه ليواصل إصدار جريدته من الخارج ويهربها إلى داخل مصر

 

107

 

وكان معظم هؤلاء اليهود قد أقامو بالمعادى بسبب الهدوء وجمال الطبيعة وأستثمر البعض منهم اموالهم فى مشروعات عديدة بمصر كالتجارة و الصناعة والزراعة والبنوك والبترول والفنادق والسكك الحديدية والنقل والمواصلات وشق الترع والمصارف وتجارة الاراضى وتقسيمها خاصة بالمعادى وذلك عندما اشتروا المستثمرون اليهود اراضى كثيرة بسعر بخس بضاحية المعادى واعادوا تقسيمها ثم بيعها للاثرياء فى صورة فيلات وقصور ونقسم اليهود فى مصر الى طائفتين ك الاولى هى طائفة الربانيين والاخرى طائفة القرائين والخلاف بينهما يتركز بشكل اساسى حول الاحكام الدينية اليومية وفى المناسبات
وهناك يهود اخرون ينقسمون الى انقسام عرقى وهم : اليهود السفارديم واليهود الاشكيناز
اليهود السفارديم:
هم اليهود الذين يدينون بالديانة اليهودية ولا يختلفون عن المصريين فى شىء سواء فى اللغة او اللكنة او الشكل او المظهر مثلهم فى ذلك مثل
مسلمى مصر ومسيحيها وكذلك اليهود الذين اتوا الى مصر من دولة شرقية ومن أسبانيا وتعلموا اللغة العربية

أسرة يهودية عاشت بالمعادى زمان
أسرة يهودية عاشت بالمعادى زمان

اليهود الاشكيناز:

وهو الذين قدموا من اوروبا هربا من الاضطهاد واعتبرت الغالبية منهم مصر محطة لهم فى طريقهم الى فلسطين وهذا النوع من اليهود لم يحاولوا حتى تعلم اللغة العربية وكانوا يتعاطفون بشكل كبير مع الحركة الصهيونية وشكلوا العديد من المنظمات الصهيونية ومنها جماعة منعزلة عاشت فى درب البرابرة بحى الموسكى فى القاهرة وكانوا يتحدثون اللغة اليديشية وهى مزيج من العبرية والالمانية وكان لهم برنامج خاص فى الاذاعة المصرية باللغة اليديشية وكذلك مسرح خاص لعرض الاعمال الفنية الخاصة بهم وهذه التركيبة السابقة لليهود وتعدد الجنسيات التى كانوا يحملونها والتى جاءت معظمها مهاجرة من اوطانهم الاصلية وكان ذلك واضحا بشكل كبير فى تعداد اليهود سنة 1948 والذى اوضح ان حوالى 10 الاف يهودى كانوا يحملون الجنسية المصرية و 30 الفا اخرون يحملون جنسيات اجنبية و 40 الفا لا يحملون اى جنسية لذلك جاءت دعوات الحاخام الاكبر حاييم ناحوم التكررة لليهود فى مصر الذين لا يحملون جنسية بضرورة التقدم للحصول على الجنسية المصرية ويرى الدكتور محمد ابو الغار مؤلف كتاب يهود مصر بين الشتات والازدهار ان اليهود المصريين الاصليين هو من عاشوا على ارض مصر اجيالا متعددة تكلموا بلغتها وتشربوا بعاداتها وتسموا بأسماء ابنائها ونالهم من الاذى مانال المصريين وتحسنت احوالهم كلما عم رخاء نسبى فى مصر مشيرا فى ذلك الى اليهود القرائين وبعض اليهود الربانيين الذين عاشوا فى مصر قرونا طويلة وكانوا يتكلمون اللغة العربية مثلهم مثل كل المصريين اغنياء وفقراء وقد حصل البعض منهم على قدر من التعليم مثلهم مثل باقى المصريين تماما وبرز منهم العديد من رجال الاعمال وقاموا بانشاء العديد من المشروعات الناجحة فى مصر مثل محل (اروذدباك )والذى يعرف الان باسم عمرو افندى وكذلك اليهودى بنزايون وعدس وريفولى وجاتينيو وشيكوريل وقطاوى ومنشة وموصيرى وسوارس الذى كان يمتلك اسطول عربات تجرها الخيل لنقل الاشخاص وهى كانت وسيلة انتقال بسيطة ومريحة وعندما طلب الخديوى اسماعيل اعادة اكتشاف حلوان جاءته التقارير كلها مبشرةورائعة فتم بناء الفيلات والقصور الفاخرة بها مما شجع مجموعة من اليهود المصريين والاجانب وعلى راسهم اليهودى سوارس واليهودى قطاوى واليهودى منشة فى التقدم للحكومة المصرية لتسير خط قطار سكة حديد يربط حلوان بوسط البلد مارا بالمعادى وبالفعل نجحوا فى الفوز بحق الامتياز بانشاء خط حلوان باب اللوق

 

مزلقان محطة المعادى 1951
مزلقان محطة المعادى 1951

بعدها فكر مجموعه من اليهود في استثمار منطقه المعادي فانشؤا شركه لشراء الاراضي وتقسيمها وبناء الفيلات والقصور عليها اسوة بحلوان وبالفعل حدث ذلك وتاسست الشركه باسم (شركه اراضي الدلتا المصريه) والتي تغير اسمها بعد ثورة يوليو 1952 الي اسم ( شركه المعادي للاسكان والتعمير )
واشترت شركه اراضي الدلتا مجموعه كبيرة من الاراضي التي كانت يمتلكها السودانيون والاتراك في ذلك الوقت ومنها بالطبع اراضي البكباشي سليم فقد اشتري اليهود وقتها هذه الارض بسعر بخس (ثمانيه جنيهات للفدان )مستغلين سوء الاحوال الاقتصاديه في البلاد واستطاع اليهودي موصيري وهو احد زعماء الجاليه اليهوديه المصريه في بدايه القرن العشرين من الحصول علي مساحات كبيرة من الاراضي واولت الشركه للضابط الكسندر ادامز بالتخطيط لانشاء حي سكني ذى نسق معماري علي طراز انجليزي وذلك من خلال شوارع طويله وعريضه تتقابل مع بغضها البعض مكونه ميادين دائريه مليئه بالاشجار ورائحه الزهور الخلابه .

اعلان بيع اراضي شركه ارض الدلتا بالمعادي
اعلان بيع اراضي شركه ارض الدلتا بالمعادي

كما تم بناء فيلات ذات طابقين وحديقه أماميه ثم تولت شركه اراضي الدلتا الترويج للسكن بالمعادي واقبل علي الضاحيه عدد وفير من الاجانب واليهود والمصرين واذدهرت اسهم الشركه خصوصا بعد ان قرر مجلس ادارتها ثقسيط ثمن الارض علي 15 سنه واقراض الراغبين في البناء المبالغ اللازمه واشتهرت المعادي السريات بالفيلات والقصور الفخمه والمناظر الطبيعيه رائعه الجمال وكذلك بالشخصيات الرفيعه المستوي وكانت المعادي السرايات تلقب بعده القاب منها (الحي الهادئ) (حي اولاد الذوات )(حي البشوات )

(حي البرنسيسات)

وكانت توجد هناك ترعه جميلة تروي حدائقها ومزارعها تسمي ترعه الخشاب
وهى تمتد من مدينه الصف جنوب حلوان مارة بالمعادي لتنتهي عند دار السلام وكان مقام علي هذه الترعه عده كباري مثل كوبري الثكنات وجسرالعشاق وكوبري الاميرة فوزيه (شارع بور سعيد)وكوبري الملك فؤاد (شارع النهضه )وكوبري شارع 77 وكوبري عزبه نافع وكوبري البحار والكوبري الاسود وكوبري الصواريخ وكانت توجد عده جسور خشبيه واشهرها الجسر الخشبي والذي سمي فيما بعد بكوبري عبد الحليم حافظ وهو جسر رائع الجمال وكان يقع بالقرب من مدخل نادى المعادى والجلف وبالقرب من ميدان سوارس ومدرسة النجاح الابتدائية وقد ارتبط هذا الكوبرى باسم عبد الحليم نظرا لان المطرب عبد الحليم حافظ كان معشوق الجماهير فى ذلك الوقت عندما مثل عليه فيلم بنات اليوم مع الفنانة ماجدة والفنان احمد رمزى والفنان سراج منير .

فى عام 1920 تم تخصيص قطعة ارض كبيرة لاقامة نادى اجتماعى رياضى لخدمة السكان والترفيه عنهم وسمى هذا النادى باسم نادى المعادى والجولف والذى اصبح اسمه فيما بعد

( نادى المعادى الرياضى واليخت )

نادى المعادى الرياضى واليخت
نادى المعادى الرياضى واليخت

ومع تزايد قدوم اليهود الى مصر وبالذات فى المعادى انشأت الاقلية اليهودية معبدا يهوديا بالمعادى عام 1934 والذى بناه الثرى اليهودى مائير بيتون واسماه معبد مائير عينايم بعدها اسس الحى اليهودى بالمعادى واصبح الحى مركز جذب لليهود المصريين حيث شيدت فيه فيلات فاخرة لاثرياء الطائفة امثال شيكوريل ومزراحى وموصيرى ومنشة وسوارس وقطاوى الى جوار منازل وفيلات اليهود الاشكناز من عائلات التمان وولف وليفيتش وروتشيلد وبلغ عددهم منتصف الاربعينات ما يقرب من حوالى 20 الف نسمة بالمعادى ثم جاءت ثورة يوليو عام 1952 بعدها خرج اليهود من مصر بلا عودة .

اما الشخصيات اليهودية التى لمعت فى الفن المصرى فكان منهم المخرج توجو مزارحى والممثلة ليليان ليفى ليفي كوهين الشهيرة باسم كاميليا والموسيقار داوود حسني والممثله راشيل ابراهام ليفي الشهيرة باسم راقيه ابراهيم والممثله نجمه ابراهيم والممثله كيتي بالاضافه الي المحامي الشهير مراد فرج والممثله ليلي مراد قبل اسلامها وزواجها من الفنان انور وجدي وكذلك الفنان منير مراد قبل اسلامه وتزوج من الفنانه سهير البابلي

حوش موصيري (مقابر اليهود):116
يقع حوش موصيري بمنطقه مقابر اليهود في البساتين القاهرة وهو مسجل في تعداد الاثار بالقرار رقم 45 لسنه 1989م وهذا الحوش من الاثار الموجوده الهامه بالمنطقه نظرا لاهميتها الخاصه حيث انه يحتوي علي مقبرة (للجينزاه) التي مازالت تحتوي علي كميات كبيرة من الكتب واوراق ووثائق وغيرها من المحتويات بالاضافه الي احتواء الحوش علي عدد كبير من المقابر اليهوديه ومن اشهرها مقابر عائله موصيري وبعض هذه المقابر لها شواهد ذات قيمه فنيه متميزه وقد تم عمل ترميمات جزئيه وصيانه لمدخل الحوش وبعض االاسوار داخل الحوش بمعرفه المجلس الاعلي للاثار .

119
المصدر : المعادي في قلب التاريخ – عادل الغيطاني

Comments

  • غير معروف
    19 فبراير، 2017 at 3:54 مساءً

    معلومات مفيدة شكرا وفي انتظار المزيد

  • غير معروف
    6 أغسطس، 2017 at 2:48 مساءً

    أصبحت اغلب شوارع المعادي الان مرتع لسكان طره ودار السلام وبقت حي للشوارعيه اللي مفيش وراهم لا شغله ولا مشغله غير المعاكسات والتحرش في البنات والمشي في شوارعها الظلمه طمعاً في بوسه ومسكت أيد

  • غير معروف
    9 سبتمبر، 2017 at 2:09 صباحًا

    شكرا كلام ومجهود رائع

Add a comment